روائع مختارة | واحة الأسرة | فقه الأسرة | النشوز...تعريفه وأسبابه والتعامل معه ـ 1

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > فقه الأسرة > النشوز...تعريفه وأسبابه والتعامل معه ـ 1


  النشوز...تعريفه وأسبابه والتعامل معه ـ 1
     عدد مرات المشاهدة: 2269        عدد مرات الإرسال: 0

النشوز هو مصطلح شرعي جاء في كتاب الله عز وجل، في إطار الحديث عن النساء، وقوامة الرجال عليهن، بما فضلهم الله عليهن من خصائص جسمية ونفسية، وبما أنفقوا من أموالهم، فقال تعالى في سورة النساء {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}.

¤ تعريف النشوز

النشوز لغة هو النهوض والقيام والإرتفاع،‏ وأصل هذه المادة هو الإرتفاع والغلظ، ومنه النشز من الأرض وهو المكان المرتفع الغليظ، ونَشَزَ عن مكانه وفيه: إرتفع عنه ونهض، ويقال: نشزت النَّغْمَة عن مَثِيلاتها: نَبَتْ وخَرَجَتْ عن قاعدتها، ونَشَزَ المرأَةُ أَو الرَّجلُ بالزَّوج: إستعصى وأَساءَ العِشرَة.

نشوز المرأة شرعا هو عدم طاعة المرأة لزوجها فيما تجب عليها الطاعة فيه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن تنشز عن زوجها فتنفر عنه، بحيث لا تطيعه إذا دعاها للفراش، أو تخرج من منزله بغير إذنه، ونحو ذلك مما فيه إمتناع عما يجب عليها من طاعته.

وقال القرطبي إن المرأة الناشز هي: الكارهة لزوجها، السيئة العشرة.

وقال ابن كثير أنها المرأة المرتفعة على زوجها، التاركة لأمره، المعرضة عنه، المبغضة له.

وقال الطبري: نشوزهن، فإنه يعني: إستعلائهم على أزواجهن، وإرتفاعهن عن فرشهم، بالمعصية منهن، والخلاف عليهم فيما لزمهم من طاعتهم فيه، بغضا منهن وإعراضا عنهم.

وقال الألوسي: هي ترفع الزوجة عن مطاوعة الزوج وعصيانها لأمره.

وقال صاحب -الهداية إلى بلوغ النهاية: النشوز هو: إمتناع المرأة من فراش زوجها، والخلاف له فيما يلزمها من طاعته، وأصل النشوز الإرتفاع والإنزعاج، فكأنهن إرتفعن عن أداء حق الأزواج.

وقال صاحب زهرة التفاسير: والنشوز خروج الزوجة عما توجبه الحياة الزوجية من طاعة الزوجة لزوجها، وقيامها على شئون بيتها، وأصل النشوز مأخوذ من النشز بمعنى الإرتفاع في وسط الأرض السهلة المنبسطة ويكون شاذا فيها، فيكون نشوز المرأة ترفعا أو إعراضا عن الحياة الزوجية الطيبة وشذوذا فيها.

وقال محمد رشيد رضا في المنار: المرأة التي تخرج عن حقوق الرجل قد ترفعت عليه وحاولت أن تكون فوق رئيسها، بل ترفعت أيضا عن طبيعتها، وما يقتضيه نظام الفطرة في التعامل، فتكون كالناشز من الأرض الذي خرج عن الإستواء.

ومن هذه التعريفات الكثيرة وغيرها، نجد أن النشوز هو ترفع المرأة عن زوجها وتعاليها عليه، وعدم طاعته فيما تجب عليها الطاعة فيه، إلا إن كان ذلك لضرورة تقدر بقدرها.

¤ تخافون نشوزهن:

من العجيب في هذه الآية الكريمة، أن ربنا عز وجل قال فيها {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} ولم يقل: واللاتي ينشزن، وقد فسر بعض المفسرين الخوف هنا بتوقع النشوز فقط، بينما ذهب آخرون إلى أنه العلم به، إلا أن ترك المولى سبحانه وتعالى اللفظ المباشر إلى لفظ مقترن بالخوف هو أمر له دلالة ومعنى رائع، فربنا عز وجل يستكثر وينأى بالمرأة المسلمة الصالحة أن تقع في النشوز، إذ أنه مخالف للفطرة السوية ولأصل طبيعتها التي خلقها الله عليها، بأن تكون صالحة قانتة تطيع زوجها ولا تعصيه.

يقول صاحب زهرة التفاسير: ولم يقل -ينشزن- للإشارة إلى أمرين: أولهما علاج الداء قبل أن يستفحل، وذلك بأن يكون العلاج عند وقوع بوادر النشوز وظهور أماراته، حتى لَا يصل إلى أقصى درجاته، وهو أن تهجر الزوج، وتخرج من منزله، لأن ذلك العلاج يكون وهي في ظل العُش الزوجي لم تغادره، والأمر الثاني إستكثار وقوع النشوز بالفعل، وهو أن تترك البيت على من فيه وما فيه، وكأنه لَا يتصور أن تقع زوجة في ذلك، ولو لم تسم في لغة الشرع زوجة صالحة.

ويقول محمد رشيد رضا: لا جرم أن في تعبير القرآن حكمة لطيفة، وهي أن الله تعالى لما كان يحب أن تكون المعيشة بين الزوجين معيشة محبة ومودة وتراض والتئام لم يشأ أن يسند النشوز إلى النساء إسنادا يدل على أن من شأنه أن يقع منهن فعلا، بل عبر عن ذلك بعبارة تومئ إلى أن من شأنه ألا يقع، لأنه خروج عن الأصل الذي يقوم به نظام الفطرة، وتطيب به المعيشة، ففي هذا التعبير تنبيه لطيف إلى مكانة المرأة، وما هو الأولى في شأنها، وإلى ما يجب على الرجل من السياسة لها وحسن التلطف في معاملتها.

¤ تخافون نشوزهن بعد الصالحات القانتات

من يقرأ الآية الكريمة يجد أن ربنا سبحانه وتعالى تحدث عن {اللاتي تخافون نشوزهن} عقب الحديث عن قوامة الرجل على المرأة، وطبيعة المرأة الصالحة التي يجب أن تكون مثلها كل إمرأة مسلمة، فقال تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ}.

وجمع الوصفين في آية واحدة ليس من فراغ، بل إن له فائدة ومعنى، فالمرأة الصالحة لا تنشز ولا تصل إلى تلك المرحلة التي تعتبر فيها من الناشزات أبدا، لأنها إن فعلت تكون قد خرجت من وصف الصالحات القانتات، فالآية تحمل تفصيلا كما قال الصابوني في صفوة التفاسير: هذا تفصيل لحال النساء تحت رياسة الرجل، وقد ذكر تعالى أنهن قسمان: قسم صالحات مطيعات، وقسم عاصيات متمردات، فالنساء الصالحات مطيعات لله ولأزواجهن، قائمات بما عليهن من حقوق، يحفظن أنفسهن عن الفاحشة وأموال أزواجهن عن التبدير كما أنهن حافظات لما يجري بينهن وبين أزواجهن مما يجب كتمه ويجمل ستره.. {واللاتي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} هذا القسم الثاني وهنَّ النساء العاصيات المتمردات أي واللاتي يتكبرون ويتعالين عن طاعة الأزواج.

الكاتب: مجدي داود.

المصدر: موقع رسالة المرأة.